+ A
A -
لاشك أن عالما بدون المؤرخ البريطاني الأميركي برنار لويس الذي اراد تقسيما وتفتيتا لمنطقتنا يتجزأ فيها المجزأ، وتختفي فيها دول سيكون عالما أفضل، فقد رحل هذا الرجل قبل ايام عن عمر يزيد على القرن بعام، دون ان يتحقق حلمه، ودون ان يرى خريطته الفسيفسائية قد تحقق منها شيء على ارض الواقع، فالرجل كان احد محوري التاريخ الذي يعزز ويشرعن وجود الدولة العبرية، ويلتمس لتوسعها الاسباب، ويقدم اعتذاريات لسلوكها ووجودها في المنطقة، ولهذا أبرق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو معزيا فيه بقوله: «كان لي شرف مقابلته عدة مرات على مر السنين، وسوف نعتز دائما بدفاعه الشجاع عن دولة إسرائيل».
موت برنار لويس ضابط المخابرات سابقا والرجل الغامض لا يعني ان خرائطه الخطيرة التي وضعها، وتقسيماته التي رسمها بجرأة سوف تدفن معه، أو تنتهي صلاحيتها برحيله، فالرجل غرس بذرة شريرة اظنها لن تتقادم، بل ربما ستكون صالحة للانبات والظهور إلى حيز الوجود بفعل سياسات دولية لا تتحقق الا في غفلة امة كما هي تغفل حاليا عن تضامنها وتآزرها، فالرجل قدم للغرف الموصدة لرسم السياسات مشروعا تآمريا كبيرا وخطيرا، مما يقتضي من امتنا الالتفات مبكرا إلى ما يحاك بها، اذ ان غرس بذور الشقاق والخلافات واضعاف الامة، هي اخطر ما يمكن ان يتهدد مستقبل الشعوب العربية، وانه لا غنى عن الالتقاء والانتصار على أي خلافات لتتحسن مناعة الامة ازاء ما يراد بها
وبرنار لويس هو من قال عن نفسه لاحدى الصحف: «البعض يعتبرني نابغة عظيما، والبعض الآخر شيطانا مجسدا»، والذين حزنوا لوفاته وعزوا فيه، هم من يعتبرونه نابغة، اما الامة التي تصطلي بنار افكاره فلن تقدم فيه عزاء.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
28/05/2018
1451