+ A
A -
لَيْلُهُم كَنَهارهم.. ذاك الذي تَغْزُوه جيوشُ الظلام، فلا تَطلع له شمس، ولا عيون لهم تَنام.. عيونهم الذابلة تَكتب ملحمةَ البُؤس والشقاء، والتِّلال التي شَكَّلَتْها كُثبان التجاعيد على صفحات مُحَيَّاهُم كافية لِتُحَدِّثَكَ عن عَزْفٍ فَرْدِي على وَتَر الصمت..
هُمْ كَمَا هُمْ، لا يَرَوْنَ الحاضر إلا مِن عَيْن إبرة الماضي التي أَعْمَاها الزهايمر أو كَادَ، أمَّا المستقبل، فكيف لَهُم أن يَسْتَشْرِفُوه هُمُ الْمُبْعَدُون عن حساباته والْمَطْرُودون مِن جَنَّتِه؟!
حتى في عِزّ حُزنهم، على مشارف قَبْرِ العُزلة، تَجِدُهم يُحَلُّونَ صباحَك ومساءَك بِعِنَبِ الحُبّ ذاك الذي تَقطفه أنتَ مِن دالية الابتسامات الْمُنْغَرِسَة بين شِفاه صَنَع بها الزَّمَنُ ما صَنَع..
قَلْبُ الواحِد مِنهم يُعادِلُ تفاحة، إنها تفاحتك الْمُشْتَهاة أنتَ الهارِب إلى مَقْبَرَة الحياة.. قلبُ الواحد منهم جَنَّة لا تَكفر بملائكة الحُبّ مَهْمَا تَسَلَّلَ إليها الشياطين.. قلبُ الواحد منهم حضن دافئ مَهْما حاصَرَه صقيعُ الزمن..
صَدِّقْ يا صديقي أنَّ صَقِيعَ الزمن لَنْ يَخرج عن تِلك الْمُعَامَلة الفاترة التي يَنالها الواحدُ منهم، ليس رغبةً في دَفْنِه حَيّاً، إنما نتيجة لقسوة الحياة التي غَدَتْ تَشغل الذات عن فلذات الكَبِد وعن النصف الآخَر، حياة اليوم هذه صَيَّرَت الإنسانَ عَبْداً للمادة تِلك التي يرَكض خلفها رَكْضَ الحصان، فإذا بها تُنْسِيه مَدَّ حَبْل الْمَوَدَّة إلى أَعَزّ إنسان..
تَبيع قلبَكَ لِتَشتري الحياة، وتَستهين، فإذا بالحبيب (ة) الذي جَرَفَتْه (ا) ريحُ السنين، يَتَسَلَّقُ نخلةَ الزمن، يَكبر، يَطعن في السِّن، تَخذله الحياة، لا يقوى على الْمُكابَرة، فيَعيش على الذكريات، يَبْنِي بينكَ وبينه جِدارا عازلا، تَراه أنتَ قد شاخَ وزهدَ في الحياة، ويَراكَ هُوَ مِن وراء الجدار تَبْخَل وتَبخل بوقتك كأنه ما عاد يَستحق الحنانَ أو كلماتِ الحُبّ تلك التي كان يَتَصَبَّبُ بها اللسان..
مَوْعِد، لا رَادّ له، يَضربُه لهم اكتئابُ آخِر العمر، اكتئاب يَنْفُخُ في جمره قِلَّةُ سؤالك عن حالهم وانشغالك عن وِصالهم حدّ أن يَقْتُلَهُم قتلاً بطيئاً إحساسُهم بالضياع والنسيان واللاجَدْوَى..
كَمْ يَلزمكَ مِن فُصول مِن النضال إلى أن تُسَجِّلَ هدفا في مرمى حِفظ ماء وجه الْمُسِنِّين مِن نساء ورجال يَليق بهم الأفضل مِن حُسن الْمُعامَلة والتَّحسيس بوُجودهم هُمُ الذين ماتوا وما ماتوا؟!
كم يَلزمك مِن فُصول مِن النضال لِتَرُدَّ الاعتبار لِأَبيك وأُمِّكَ كما يَفْعَل الابن البارّ قبل أن يَتَبَدَّدَ حُضور الواحد منهم وتَبْكي أنتَ نَدَماً بعد فوات الأوان؟!
ما جَدْوَى أن تُبَلِّلَ قُمْصانَهم بِدُموعك الحالِفة ألا تَهْدَأَ ثورتُها حُزْناً على رحيلهم، وأنتَ لا تَجِد اليومَ خمسَ دقائق لِتَطبعَ على يَدِهِم قُبْلَةً كُلَّ صباح وتَبعث فيهم شيئا من الارتياح؟!
ولأنكَ لا تَجِد الوقتَ، ما جَدْوَى أن يَعيشوا هُمْ على وَهْمِ تَرَقُّب طَلْعَتِكَ الْمَيْمُونة، بينما يَتَآكَلُون تحت نار الانتظار؟!
في ظِلّ وَطْأَة المسافات الوَهْمِيَّة (الانشغال) أو المسافات الحقيقية (البُعْد الجُغرافي)، بَلَغْنَا زَمَناً صارَت الحاجةُ ماسَّةً فيه إلى تَكثيف العمل على تَظافُر جهود الأفراد والمؤسَّسات لتحقيق مَطْلَب توفير دُورِ مُسِنِّين مُجَهَّزَة بفريق بَشَرِيّ شابّ ومُسْتَوْفِية للخدمات الاجتماعية والصحية وقِسْ على ذلك، دُور مُسِنِّين يُعادِل عددُها عددَ المساجد والمدارس والْمُرَكَّبَات التِّجارية..
لِنَحْلُمْ بدُورِ مُسِنِّين لا يَضِيع فيها حَقُّ العُظَماء من الأمهات والآباء، دُور تُوَزِّع بطاقات الحُبّ والحنان والمرافَقة النفسية والاجتماعية، دُور يَعْلُو فيها شأنُ الإنسان ويَموتُ فيها إحساسُه بالغُربة بقدر ما تَيْنع في بساتين قلبِه ورودُ الْمَحَبَّة..
نافِذَةُ الرُّوح:
- «عِدْنِي بِوَردة كل يَوم أَفْتَحُ عليها عينَيَّ».
- «كَفَانا اسْتِجْدَاءً لِثِمار الحُبّ».
- «حُقول الإنسانية ما عادَتْ تَعِدُ بموسِم المطر».
- «قُبْلَةٌ على خَدِّ الأَحِبَّة جَوازُ سَفَرِهِم إلى الغَد».
- «نَمْ يا حُبُّ، إلى أنْ يُمْطِرَ الْقَلْبُ».
- «لِنُثَمِّنْ ثَرْوَةً بِحَجْمِ الذِّكْرَيات».
- «لِيَكُنْ حُبُّكَ وَردةً تَسْتَلْقِي مَساءً على أَسِرَّتِهِم فَتَبْعَثَ فيهم نَشْوَةَ الأَمَل في اسْتِيقَاظٍ آخَر».
الطبول الإفريقية تمتزج مع الفلامنكو الكوبية يحتضن المسرح المكشوف بكتارا يومي الخميس والجمعة القادمين أمسيتين فنيتين تحييهما فرقتان من غانا وكوبا، وذلك ضمن فعاليات النسخة الثالثة لمهرجان التنوع الثقافي التي تتواصل في كتارا حتى التاسع من مارس القادم بمشاركة 18 دولة من مختلف أنحاء العالم.
ويتضمن العرض الغاني باقة منوعة من الفقرات الموسيقية وعروضا فلكلورية ترتبط بأنماط مختلفة وساحرة من الرقص التقليدي والمعاصر، تمتزج مع دقات الطبول الإفريقية، وتجسد مواضيع ذات تأثير جمالي وقيمة فنية عالية.
كما تحيي فرقة الجالية الكوبية بالدوحة أمسية فنية تقدم فيها مجموعة من الأغاني الكوبية الشهيرة التي تمزج بين الموسيقى والعروض الراقصة الشهيرة كرقصة الفلامنكو..
وتحظى فعاليات مهرجان التنوع الثقافي التي تقام على المسرح المكشوف بكتارا في عطلة نهاية الأسبوع ( من 7.30 وحتى9.30) مساء، بإقبال كبير وحضور واسع .

بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
01/11/2018
2944