+ A
A -
شباك على الدنياقِلَّة مِن الناس مَنْ يُبدِع ويَبْتَكِر ويَكتشف قُدراتِه ومهاراتِه لِيَرسم بها خريطةَ نجاحٍ ويَكتب بها تاريخَ ذاكرةٍ واعية، يُؤَطِّرُه بإحساسٍ وبِفَنِّيات عالية.. غير أنَّ أَكْثَر الناس لا يَجود بِثَمرة ولا بِفِكرة، فَحُروفُه غالبا تَحتاج لِفَهمها إلى مُخْتَبَر تَحليلات طِبِّية، ويَنْشَغِل كُلّ الوقت بأن يَبْنِيَ الحفرة تِلْوَ الحفرة ويَنصب الفخَّ تِلْوَ الفخّ للإيقاع بالموهوبين، بُناة قَلْعَةِ الإحساس الزاهية، أولئك الزاهدين في دُنيا فانية.. خُطَّةُ الشيطان عَمِّهِم إبليس يَلتزمون بها حَرْفِيّا بعد أن سرقَ عماماتهم وعباءاتهم مِن باب المسجد الذي يُوهِمُ الآخَرين بأنه يَتَعَبَّد فيه.. أما بُلْغَة الحِكمة الضائعة، فهو نَفْسُه يَفتقر إليها تماشيا مع حُكمِ ركضِه المجنون خَلْفَ رغيفِ الحقّ لِيَيبسَ بين يديه قبل أن يَفْرَحَ به فَمٌ.. لذلك لا يَكُفُّ الحذاءُ الرياضي المثقوب لِعَمِّهم إبليس عن أن يُجِيزَ لِوَحل الحِقد والبغض بأن يَتسلل إلى قدمَيْه المتشقِّقتين مِن فَرط الجَري والسَّعي في تدبير المهالِك، والْمَصائب، تِلْكَ التي لا يَسلم منها في قانونه حبيب ولا صاحِب.. شيطانُهم أبو اللِّئام يَمْتَصُّ جمرةَ الغرام تِلْكَ التي كانت نابضة في قطعة القلب، فإذا بِفَتيل الحُبّ يَبرد، يَبرد أكثر مِمَّا يَنْبَغِي، وإذا بِصَدْرِ الواحد منهم يُصَيِّرُه مُناخُ الحِقد ثلاجةً لا تَنْفَتِح إلا لِمَنْ يَطمعون في تَبادل المصالح بِخُبْثٍ.. في عُيون الْمَكر والخديعة سَتَغْرِق نَفْسُك الوديعة ما أن يَرقص كبارُ الأَبَالِسَة، على حِبالٍ، بِالشَّرّ واجِسَة، حِبال تَمْتَدّ بين مُحيط سُترتِكَ القطنية الصيفية وطَرَفَيْ سِرْوالِكَ الداخلي.. كُلُّ ما يخصّكَ مِن مَحْظُور على مَن لا تَسمح له بالعُبور إلى جزيرة دواخلِكَ، واستقراء صفحاتِ روحِكَ، سَيُنْشَر كالغَسيل على سِياج سريرِكَ.. وكُلّ ما تَجِدُ حَرَجاً مِن أنْ تَعرضَه على أيّ خَسيس، ونَذْل، سَتَغْدُو عاجزا عنْ أنْ تَمنعَه مِن ألاَّ يُقَيِّمَه في ميزان الحِكمة والعَدْل.. لا حُرِّية لكَ لِتَختار، وبين اللحظة والأخرى سَتَحتار، ولا تَدري أيّ أُصْبُع سَتَمْتَشِقُه كالسيف لِتُبَلِّلَ شيئا مِن احتراقكَ الداخلي وتُطْفِئ شيئا مِن النار: - أُصْبُع السيجارة الذائبة احتراقا بين شفتيكَ الْمُضْرِبَتَيْن عن استئناف التخطيط لِمَوعِد مع قُبْلَة عَصِية تَعِدُكَ وتُمَنِّيكَ وتُهَيِّجُكَ ثم تُعْلِنُ التَّمَرُّدَ وتَتَمَنَّعُ وتُبَنِّجُكَ..؟! - أَمْ هو أُصْبُع السَّبَّابة الحَيِيّ الذي يُعيدُكَ إلى سيرتك الأولى فلا تَتَوانَى عن مَصِّه لِتَصُبَّ غضبَكَ في قالَب ما قبل الفطام..؟! - أمْ هو أُصْبُع إِبْهامِكَ الشَّقِيّ الذي يُجَدِّد ذِكرى زمنِكَ البِدائي في حالة تَوَحُّشِكَ وأنتَ تَبْقَرُ بَطْنَ إِنَاث القَمْل الهاربات هُنَّ الأُخْرَيات مِنكَ كماءِ وجهِكَ لَمَّا أَدْرَكْنَ أنَّ الْعَمَّ إِبليس يُشَمِّرُ عنْ ساعِدَيْه لِيُرْديك أَوْسَخَ وأَقْذَر مِنْ أيّ حَشَرةٍ تُذْكَر..؟! لا أَنْصَحُكَ بِرِحلة إلى قَرية الْجُبن، يا جَبانُ رغم أَنْفِكَ، إنها قريةُ الجُبن المعزولة عن شواطئ الْمُروءة تِلْكَ التي رَحَلَ عنها البَحْرُ وتَرَكَ جُبَّتَه الْمُبَلَّلَة، لكن إذا كُنْتَ قد اعْتَزَلْتَ لَعِبَ دَورِ ذَكَر البَطّ فَاخْلَعْ قَميصَ الرُّجولة ألفَضْفاض والْتَمِسْ في دُرْجِ ألفَراغ الأَخْلاقي الجاثم شَيْئاً مِن مساحيق التَّمْويه وتَنُّورَة وأُصْبُع قَلَمِ شِفاه.. نافِذَةُ الرُّوح: -«قِمَّة التَّأسيس الخَلاَّق في أن أَكونَ سَيِّدةَ ألفَوضى الْمُنَظَّمَة». -«إعفاءً للذات مِن تعذيبها ما أَلَذَّ أن نَكسرَ الأشياءَ ونَهدمَ جُدرانَ الصمت ونَسكبَ حِبرَ القَلَم كالأطفال في رَسْمِ دوائر تُجَسِّد الْمَتاهةَ التي تَبْتَلِعُنا ولا نَدري نَحْنُ!». -«انحدارٌ في أخلاق الرُّجولة حَدّ السَّفالةِ هذا ألفُجور في الجُبْن والوَقاحة والنَّذالة». -«جُنون أنْ تُقَيِّدَ امرأةً بِحَبل سُرِّي ما لم تُؤَشِّرْ لكَ هي بتأشيرة مُرور إلى أَبْعَد نقطة مِن حدود مدينة الأُنوثة». -«حكِيمٌ حاطِبُ الليلِ هذا السَّاكِن فينا الذي خَبَرَ ظلامَ المشاعِر، فاقْتَدَى إلى أنَّ أَصْدَقَ الحُبّ ما لا يُغادِر». -«سَأُفَصِّل مِن ثوبِ تَمَرُّدِي على مُقَرَّراتِ مَدْرَسةِ الحياة هديةَ ميلادٍ لِشِتاء لذيذ». -«أَيُّها الْجَنِين الهاربة أنا إليه رَقْصاً على حَبْلِ تَعَلُّقِه، ما أَحْلاها الرَّحِم هذه التي لم تَكُنْ في حسبان التَّصْفِية القَلبية! عِدْنِي بِوِلادَة آمِنَة».
بقلم: سعاد درير
copy short url   نسخ
06/12/2018
3167