+ A
A -
سـلـطـان بـن مـحـمـد
{ لا يختلف اثـنان عـلى أن المخدرات هي آفة العـصر الـتي تـنخـر في جسم المجتمع كالسوس الـذي ينخـر في الخشب في هـدوء بلا ضجـيج، إلى أن تفاجأ بانهـيار الجـذع كله مرة واحدة، هكذا تفعـل المخدرات بكل من يتعـاطاها، فما الذي يدفع هـذا الشاب أو ذاك وهو في عـمر الزهـور للإقـدام عـلى الانتحار بإرادته؟ وهـل هو حقا يقبل عـليها مدفوعا برغـبته الذاتية أم أن هناك دوافع وعـوامل تدفعه إلى ذلك هـربا من مشكلة ما يعاني منها أو بسبب ضغـوط نفسية والتي أصبحت للأسف علامة واضحة من علامات حياتنا اليومية المتمدينة؟ أم ترفا وحبا في التجربة؟ أم أنه تقليد أعـمى لأصدقاء السوء؟
{ في كل الأحوال، السؤال الصريح والملح الذي يبحث عـن إجابة هـو: أين الأب والأم وأين دورهما؟ أين هما مما يطرأ عـلى أبنائهما من تغـيرات وما يتعـرضون له من مؤثرات وانفعالات؟ أين حنانهما الواعي الذي يشعـرهم بالأمان والطمأنينة، فـيقـيهم اللجوء للآخـرين أو البحث عـما يشغلهم ويملأ فـراغهم الـنفسي، أين رقابتهما الحـذرة الـيقظة المدعـومة بالتوجيه البعـيد عـن الـتسلط والـتعـنت؟ وأهـم من ذلك، السياسة المالية للأسرة ونصيـب الأبناء من الإنفاق ومصروفهـم الخاص، ذلك السلاح الحاد الجانبين في الفقر والغـنى، وفي كلـتا الحالتين، يدفع الـشباب إلى السقـوط في الهاوية، الفقر الشديد والمشاكل والأعـباء الاقتصادية التي تثقل كاهله أو الـترف الزائد والبذخ بالأموال بغـير وعي، فعـليك أيها الأب ألا تحرم ابنك أو ابنتك من مصروفهما الخاص ولكن بقسط، فلا تقتر ولا تبذر.
{ لم يكن المجتمع القطري قبل الطفـرة الاقـتصادية كما هـو الآن بطبيعة الحال فقد أصبح خليطا من جنسيات عـدة وديانات مختلـفة، لذا يجب عـلى الوالدين مراقـبة الأبناء ومعـرفة من يصادقون ويرافـقون والتنبيه عـليهم بأخذ الحيطة والحذر ممن لا تربطهم به أي صلة، ففي السنوات القليلة الماضية طال لهيب نار المخدرات الأسود بعـض شبابنا الذين سقطوا في البركان من الشمة الأولى، ولم تكن هـذه النار سوى نار إدمان المخدرات بمختلف أنواعها، ووجدت هـذه الآفة اللعينة من يقبل عليها وانتشر خطرها بين بعـض أبناء المجتمع، الجيل المعـتمد عـليه للمستقبل، لأن مروجي هـذه السموم الفتاكة يتخذون أساليب متعـددة وجديدة للهروب من قـبضة رجال الأمن للفتك بشبابنا.
{ مما لا شك فـيه أن من يتعاطى المخدرات بشتى أنواعها لا يكسب من وراء تعاطيه غـير الضياع ويخسر من جراء ذلك الدنيا والآخرة، ولا أحد سواه يستطيع أن يصف كيف سيكون شعـوره وهو يخسر الزوجة والأبناء ولا أيضا كيف سيكون شعـور الأهل والأصدقاء تجاهه، وأخيرا.. كيف سيقابل من يتعاطى المخدرات ربه إذا كانت هـذه هي خاتمته.. نسأل الله سبحانه أن يلطف بكل من يتعاطى هـذه السموم، وأن يهديهم إلى سواء السبيل، اللهم آمين.
copy short url   نسخ
16/01/2019
1932