+ A
A -
أسدل يوم الجمعة الماضي الستار على بطولة كأس آسيا في نسختها السابعة عشرة والتي أقيمت على ملاعب دولة الإمارات العربية المتحدة معلنةً عن تربع العنابي القطري كبطل جديد على عرش الكرة الآسيوية وبالعلامة الكاملة بالفوز في مبارياته السبع واختتمها في المباراة النهائية بثلاثية في مرمى الساموراي الياباني، حاصدًا بجانب الكأس الغالية الألقاب الفردية في البطولة ليؤكد أن الفوز لم يكن مصادفةً بل أتى نتيجة جهد متواصل لمنظومة رياضية متكاملة ثابرت واجتهدت لوقت طويل وجاء وقت حصاد ثمار هذا الجهد ليسجل اسم قطر بحروف من ذهب في سجل أبطال القارة الآسيوية.
بجانب هذا الإنجاز الرياضي غير المسبوق للكرة القطرية التي كان منتخبها الأول يحقق الانتصارات في تلك البطولة النصر تلو الآخر، كان هناك استفتاء مواز لا يقل عنه أهمية من وجهة نظري لكن لا تجري أحداثه بأقدام اللاعبين على المستطيل الأخضر في ملاعب كرة القدم بل استفتاء على حب الشعوب أدواته تشجيع الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج للمنتخب القطري بقلوبها قبل حناجرها، فالشعوب بفطرتها تقف بجانب المظلوم ولتأكدها بما لاقته قطر من ظلم وإجحاف وتآمر ودسائس جراء الحصار الجائر المفروض عليها من قِبَل من يفترض أنهم أشقاء لا لشيء إلا كون قطر اختارت صف الشعوب المقهورة والمكلومة والمغلوبة على أمرها ووقفت بجانبها، فما تأخرت يومًا عن مد يد العون لها قدر المستطاع عبر كافة مؤسسات الدولة وهيئاتها الإغاثية وجمعياتها الخيرية، زرعت قطر خيرًا فحصدت حبًا، ساعدت على الأرض فارتفعت الأكف للسماء تدعو لها، كانت ولا تزال صوت من لا صوت له فانطلقت الهتافات من القلوب قبل الحناجر تؤازرها، أغلقت الإمارات أبوابها أمام مشجعي المنتخب القطري من القطريين ففتحت الجماهير العربية قلوبها تدعو له بالتوفيق وحناجرها تشجعه ولو من أمام الشاشات وليس المدرجات، كانت البطولة محطة فارقة قدمت فيها قطر عبر منتخبها الوطني وإعلامها المهني والتزامها الأخلاقي درسًا أمام العالم أجمع الذي رأى بأم عينه وفي بث مباشر بدون أي رتوش أو مونتاج مدى تعنت وتربص الإمارات منذ بداية البطولة ومحاولاتها المستمرة وبطرق ووسائل شتى لإخراج المنتخب القطري والبعثات الإعلامية والمسؤولين المرافقين له من حالة التركيز على أداء مهامهم على الوجه الأمثل، فرد المنتخب القطري على أرض الملعب والإعلام المهني على الشاشات والمسؤولين عبر الالتزام بأنهم لم ولن يلتفتوا لتلك الاستفزازات والانتهاكات للمعايير الرياضية والإعلامية والأخلاقية، وكانت رسالة البعثة القطرية واضحة وقاطعة نحن هنا لنعبر عن أنفسنا وقيمنا لا للانجرار لما تريدونه أنتم، تغلقون الأبواب وتسدون الدروب وتعلنون القطيعة والحصار ونرد نحن بكسب القلوب وحب الشعوب والمضي قدمًا على طريق السيادة واستقلال القرار وأبواب التقدم والانتصار.
قالوا كل داء له دواء إلا الحماقة أعيت من يداويها، كانت لدى القائمين على الحكم في دولة الإمارات فرصة ذهبية ليتحلوا بالقليل من الكياسة وإخفاء الحقد الدفين ولو لبرهة من الوقت وفصل الرياضة عن السياسة ولكن أبى الكِبْر والإصرار على الخطأ أن يفارق صاحبه، فما توقفت دول الحصار عبر أبواقها الإعلامية المأجورة عن مهاجمة قطر والدعوة لتشجيع المنتخبات المنافسة لمنتخبها ووصل الأمر بأحد إعلاميي منظومة الانقلاب العسكري في مصر إلى مطالبة الجماهير العربية بتشجيع المنتخب الياباني في المباراة النهائية وعقب تغلب العنابي على المنتخب الإماراتي صاحب الأرض والملعب والجمهور برباعية نظيفة تهجم أحد مشايخ السلطة في أبوظبي على قطر ومن يشجع منتخبها بألفاظ لا تخرج من شخص لديه مثقال ذرة من الأخلاق ناهيك عن مدعٍ للتدين ويصدر نفسه في صورة الداعية، وحسنًا فعلوا فما هم إلا أصوات غيرهم ومرآة آمريهم ويسوقون بألسنتهم أدلة الإدانة الأخلاقية والشعبية لتصرفات وتوجهات من يحركونهم.
أحمق من يراهن على غباء الشعوب ويتعامل معها كالقطيع الذي سيسمع الإعلام الموجه المأجور ومشايخ السلطة عبيد المأمور فيطيع ويسير وفق أهوائهم وأمنياتهم، ربما تنساق قلة لا تذكر وراء تلك الادعاءات والتلفيقات ولكن تبقى الغالبية رافضة له حتى ولو كانت صامتة مجبرة مكرهة.
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
07/02/2019
1711