+ A
A -
كان الرئيس الأميركي ترامب جاداً حينما قال إنه يدرس عضوية البرازيل في الناتو، وأنه يعتزم أيضاً منح البرازيل صفة الحليف الأكبر من خارج الناتو، حيث جاء ذلك خلال استقباله الرئيس البرازيلي بولسونارو الذي يوصف بأنه «ترامب البرازيل»، إذ إن هذا التصريح لم يكن مجرد ترضية أو إغراء لبلاد البن والدجاج المجمد لبناء تحالف يحاصر فنزويلا ويزيد من الضغوط التي تحاصر رئيسها مادورو كما ظن البعض، ولكن يمكن القول إن هناك مؤشرات على مساعي أميركية لبناء تحالفات إقليمية جديدة على غرار التحالف الغربي الأقوى والأقدم: «الناتو»، فيكون هناك ناتو شرق أوسطي وناتو لاتيني يتشكل بشراكة أميركية مع دول في أميركا اللاتينية، ويبدو أن أميركا الترامبية تتجه إلى بناء هذه التحالفات الإقليمية الجديدة لإغلاق أقاليم سياسية بعينها في وجه شراهة التسلل الروسي إلى علاقات سياسية أوثق وأوسع مع دول عدة في العالم، وإيجاد مواطئ أقدام للروس تضمن لهم نفوذا في عدة أسواق عالمية مما يفسح مجالا لتعملق تدريجي للاقتصاد الروسي.
ومن الطبيعي ألا تستمر بلاد العم سام في تباعدها النسبي عن دول أميركا اللاتينية التي تقع في فنائها الجنوبي، خاصة أن الروس الذين يستشعرون مخاوفاً من التحالفات الأميركية المتزايدة في أوروبا ومشروعات بلاد العم سام لنصب منصات صواريخ خطيرة في دول أوروبية تلاصق روسيا، قد يقابلون هذا الطوق الأميركي بنظير له في أميركا الجنوبية، لتتجدد أزمة خليج الخنازير حول الصواريخ الروسية التي كانت قد نصبت قواعدها في كوبا
وفي واقع الأمر فان دعوة الرئيس ترامب إلى تحمل دول الناتو مسؤولياتها في التكلفة الدفاعية ربما هي بغرض تخفيف الضغوط الدفاعية التي تتحملها واشنطن وتوفير موازنات تساعد ها على بناء هذين التحالفين: «ناتو الشرق الأوسط» و«الناتو اللاتيني» وحينما أعلن الرئيس ترامب أنه يدرس ضم البرازيل إلى الناتو، كان الرد الأول الذي جاءه على ذلك من باريس، حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية إن «الحلف الأطلسي هو تحالف أمم ترتبط ببند دفاع مشترك تحدد معاهدة واشنطن في 4 أبريل عام 1949 بشكل دقيق، في مجال تطبيقه الجغرافي، ولا يتيح البند العاشر من المعاهدة المؤسسة للحلف الأطلسي أن ينضم إليه سوى أعضاء من أوروبا، أما في حالة دولة غير أوروبية، فيتطلب الأمر إجراء تعديل معقد للمعاهدة، وفي المقابل، بإمكان البرازيل أن تبرم شراكة مع الحلف الأطلسي، على غرار عشر دول أخرى ضمنها كولومبيا وأستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية.. وتساهم بناء على ذلك في مهام وعمليات الحلف.
وبذلك فقد أغلقت باريس الباب في وجه أي عضوية غير أوروبية بالناتو، ما يعني أن الرئيس الأميركي ترامب قد يفكر جيداً في إنشاء ناتو أميركي لاتيني خلافاً للناتو الأوروبي الأقدم، لترسيخ الأمن الإقليمي في أميركا اللاتينية، وترويض الأنظمة اليسارية التي تراها واشنطن مارقة، ولتوفير جسور سياسية وطيدة تتيح تنشيط وعبور مصالح طاقوية واقتصادية عديدة.
{ (يتبع)
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
29/03/2019
1820