+ A
A -
سيمكن القول إن العالم قد تغير بالفعل حينما يحدث تغيير ملحوظ ومفصلي في وسائل مواصلاته البرية، أو تحديداً حينما يشيع استخدام السيارات الكهربائية بدلاً من السيارات التي تعمل بطاقة مشتقات النفط، فعند حدوث ذلك سيكون من المنطقي القول إن عالمنا أصبح على أعتاب ثورة كبيرة ستغير من حياة البشر والبيئة التي يعيشون في مناخاتها..
شركة كورية جنوبية شهيرة في عالم صناعة السيارات والذي أثبت مؤسسها الأول ذات يوم أن الفقر ليس شبحاً يهدد حياة البشر ولكنه يمكن أن يكون سبباً من ضمن أسباب النجاح، لأن الإصرار على كبح جماح الفقر ومحاربته، هي المقومات الأولى لأسلوب النجاح، إذ ترنو هذه الشركة إلى تحقيق ريادة في المنافسة العالمية المحتدمة حالياً حول إنتاج السيارات الكهربية وطرحها بديلاً للسيارات التي تعمل بطاقة النفط، لتظل هذه الشركة اسماً لامعاً في عالم صناعة السيارات، ولتضمن حصتها المتفوقة في سوق السيارات العالمي، وبالفعل نجحت هذه الشركة في إنتاج سيارة كهربائية يمكنها أن تقطع 320 كيلومتراً في الشحنة الواحدة، مما أثار ظهور هذه السيارة الفارهة ضجة واسعة، حيث داعبت أحلام كل من شاهدوها، لشكلها الانسيابي ومحركها الكهربائي الصديق للبيئة، غير أنه من المنتظر أن يتم طرح هذه السيارة الجديدة بأسعار تبدأ من 45 ألف دولار أميركي، ومثل هذه الأسعار قد لا تناسب كثيرين في دول العالم الثالث ببداية الأمر إلا إذا نجح خبراء صناعة السيارات في إنتاج أطوار جديدة أرخص سعرا، وهو ما تعكف عليه حاليا شركات ومؤسسات عدة في عالم صناعة السيارات..
ويبدو أن المستقبل الذي سيكون للسيارات الكهربية هو الذي يجعل شركات عالمية لصناعة السيارات تفرط في منتجاتها وتسمح بتجميع سياراتها في دول عالم ثالث أخرى، لأن هذه المصانع سيكون لها نهاية قريبة حينما تصبح السيارة الكهربائية هي الأكثر شيوعا وطلبا عليها في كل دول العالم..
يفترض أن تلفتنا مثل هذه الاحتمالات إلى ضرورة أن تبدأ دول عربية عدة من حيث انتهى الآخرون، وأن تودع أحلامها القديمة بصناعة السيارات النفطية ويتجه باحثوها وخبراؤها إلى الأبحاث المطلوبة لإنتاج السيارات الكهربائية، ليكون هناك وجود عربي صناعي في عالم صناعة السيارات، فلا نظل مستوردين وزبائن دائمين في سوق السيارات العالمي..
كما يفترض أيضا أن تلفتنا هذه المعطيات الجديدة في العالم التي أصبحنا نشاهدها بين وقت وآخر في صورة معارض في عواصم عدة في العالم للسيارات الكهربائية، إلى حقيقة أخرى مفادها أنه لابد من التخطيط لتعزيز إنتاج الكهرباء في عالمنا العربي بعدما أصبح من شبه المؤكد أنه سيتم كهربة طاقة السيارات، كما أن محطات البترول التي تمون السيارات بالبنزين ستكون في خبر كان بعد شيوع استخدام السيارات الكهربائية، وربما لا تكون هناك حاجة إلى مساحات هذه المحطات الواسعة ولا إلى هذا العدد من العمال لتشغيلها، ولا إلى احترازات تأمينها، إذا أننا غالبا على أعتاب عصر مواصلاتي جديد، وإن كان حلوله لن يكون سريعا، إذ لاتزال هناك بعض المعضلات، غير أن العلم والبحث العلمي لا يعترف بمعضلات ولا بعراقيل.
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
30/04/2019
1907