+ A
A -
أكثر من 80 حزبًا على الساحة السودانية.. هذا العدد الهائل من الأحزاب يسبب الجدل، والجدل يؤدي إلى الاختلاف؛ فيتحول إلى خلاف يتطور إلى تشابك وتعطيل الحياة السياسية فيتدخل الجيش.
ومعروف أن مؤسسة الجيش السودانية من أقدم وأعرق المؤسسات العسكرية العربية والأفريقية؛ فقد تأسس الجيش السوداني عام 1925 وأولى اهتمامًا لأبناء المؤسسة من حيث التعليم والتدريب.. وعنده مبادئ هي التي حفظت للثورة مكانتها، ومن المؤمل عدم السماح باختراق الجيش من طامعين بالسودان ليبقى الحارس الأمين للثورات والنظام في السودان..
بعد استقلال السودان عام 1956 فاز الحزب الاتحادي الديمقراطي بالحكم في انتخابات ديمقراطية، ويعد الحزب الاتحادي الديمقراطي امتدادًا للحزب «الوطني الاتحادي»، الذي تأسس رسميًا عام 1951 بتحالف بين سيد علي الميرغني، زعيم الطريقة الختمية الصوفية، وقائد تنظيم «الأشقاء»، إسماعيل الأزهري، كان الحزب مدعومًا من مصر بسبب إيمانه بمبدأ «وحدة وادي النيل».
اكتسح الحزب الوطني الاتحادي أول انتخابات ديمقراطية في البلاد في فترة الحكم الذاتي 1954، وفاز بأغلبية مطلقة مكنته منفردًا، للمرة الأولى والأخيرة في تاريخ السودان الديمقراطي، من تشكيل الحكومة، لكن، سرعان ما دب الخلاف داخل الحزب، فخرجت طائفة الختمية منه وأسست حزب «الشعب الديمقراطي».
فوقع انقلاب عسكري بقيادة إبراهيم عبود الذي قام بحل الحزبين مثل غيرهما من الأحزاب السياسية، وبعد أن أطيح بعبود عاد الحزبان إلى الحياة، ثم قررا الاندماج مرة أخرى عام 1968 تحت اسم الحزب الاتحادي الديمقراطي، لكن نميري انقلب على الديمقراطية بدعم من عبدالناصر، ثم فاز «الاتحادي الديمقراطي» في الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 1986، بعد التخلص من نظام النميري، بثاني أكبر عدد من المقاعد النيابية، وشارك في حكومة ائتلافية مع حزب الأمة القومي، وأصبح نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي أحمد الميرغني، رئيسًا للجمهورية، وانقلب البشير على الحكم عام 1989 فانضم الحزب إلى تحالف المعارضة، وسافر زعيمه محمد عثمان الميرغني إلى مصر. استمر الحال كذلك حتى العام 2005، عندما وقع الميرغني اتفاق مصالحة مع نظام البشير، وعاد إلى الخرطوم عام 2008. ويشارك الحزب منذ العام 2010 في الحكومة السودانية، وله فيها عدد من الوزراء، وتولى نجل رئيس الحزب محمد الحسن الميرغني منصب مساعد الرئيس المخلوع البشير.
الآن تتولى العسكرية المفاوضات وهي الحزب الأقوى من ثم وجود هذا الكم من الأحزاب على الساحة يضعف الثورة التي تتمثل فيها كل الأحزاب، وكل حزب يتطلع إلى أن يفوز بالحصة الكبرى من النظام مع وجود اختراقات من دول لا تريد استقرارًا في السودان الذي إذا تعافى سيصبح رقمًا صعبًا عربيًا وأفريقيًا..
ويقينًا أن اندماج الأحزاب سوف يساهم في تقويتها ويسهل من حراكها.. وأذكر مقولة للمغفور له الملك الراحل الحسين بن طلال حين سألوه عن سبب فتح الباب لتراخيص جديدة لأحزاب أردنية؛ حيث قال: «كثرة الحراك تعيق الحركة».
وحتى يتجنب السودان انقلابًا عسكريًا عليه أن يسارع في دمج الأحزاب ليقلل من الجدل فلا يكون هناك اختلاف وخلاف يتبعه انقلاب وحل الأحزاب.
كلمة مباحة
الوطن هو الروح فإن خُدش الوطن خُدشت الروح فكيف إذا احتُل الوطن؟!
بقلم: سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
17/05/2019
2262