+ A
A -
قبل الدخول في التساؤلات عن الأهداف الحقيقية والمفترضة من وراء تلك التعديلات، حسب ما يتقبله العقل ويفرضه المنطق وتوضحه الخطوات والقرارات الكارثية السابقة التي أقرها وقام بها النظام العسكري هناك بعض النقاط التي يجب التذكير بها وإثارتها منها على سبيل المثال لا الحصر، وفي مقدمتها مشكلة بعض القبائل في المناطق الحدودية المصرية مع فلسطين المحتلة، وبالأخص في الجزء الشمالي من سيناء.
ورجحت بعض المصادر أن عددهم يقترب من 5000 شخص يضاف إليهم عشرات الآلاف الآخرين الذين تم تهجيرهم ونسف منازلهم وتجريف مزارعهم ومسح بعض مناطقهم من على الخريطة عنوة وبقوة السلاح من مناطق رفح والنافورة والشيخ زويد والقرى الواقعة على الشريط الحدودي واستخدمت الحكومة العسكرية إجراءات تعسفية عبر نزع الأراضي والملكيات من أيديهم ووضعها لشروط تعجيزية أمامهم لإثبات ملكيتها قانونيًا ومن ثم تصبح الدولة غير ملزمة بتعويضهم ماليًا أو بأراضٍ ومساكن بديلة في عملية تتطابق تمامًا مع مصطلح «التسقيع» الذي يستخدمه تجار وسماسرة الأراضي عبر شرائها بثمن بخس- مجانًا في حالة شبه جزيرة سيناء وشمالها بشكل خاص- ثم الاحتفاظ بها لبيعها للزبون المناسب وبسعر مرتفع.
وسبق تلك الحملة قانون أصدره وزير الدفاع في ديسمبر 2012 وتم نشره في الجريدة الرسمية المصرية، ويحمل رقم 203 ويحظر فيه تملك أو حق انتفاع أو إيجار أو إجراء أي نوع من التصرفات في الأراضي والعقارات الموجودة بالمناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية والمناطق المتاخمة للحدود الشرقية بمسافة 5 كيلو مترات غربًا عدا مدينة رفح والمباني داخل الزمام وكردونات المدن فقط، وتنص المادة الثانية من قرار وزير الدفاع على أنه يُسمح للأشخاص الطبيعيين من حاملي الجنسية المصرية من أبوين مصريين، وللأشخاص الاعتبارية المصرية المملوك رأس مالها بالكامل لمصريين حاملي الجنسية المصرية دون غيرها من أي جنسيات أخرى التملك في منطقة شبه جزيرة سيناء، وهو ما يعني فتح الباب أمام من سيتقدمون للحصول على الجنسية المصرية لتملك أو بمعنى أدق احتلال شبه جزيرة سيناء عبر بوابة برلمان السيسي وتحت دعاوى الاستثمار بعد نزعها من أهل سيناء الذين من ضمن الشروط التعجيزية لهم للحصول على الجنسية المصرية إثبات النسب للجد الخامس مما يعني وثائق تعود لـ 250 عامًا للوراء على الأقل وأيضًا إثبات حيازتهم لأراضيهم المتوطنين بها منذ القدم وكيف يمكن إثبات الملكية لمن لا يستطيع إثبات حقه في الحصول على الجنسية وغالبيتهم لم يهتم بالمستندات والوثائق الرسمية إلا في الـ 50 عامًا الأخيرة، وتنص المادة الثالثة على حظر تملك أي أراضٍ أو عقارات مبنية بشبه جزيرة سيناء لغير المصريين، سيناء التي تحولت إلى صندوق أسود ومنطقة عسكرية مغلقة منذ عام 2013 وليومنا هذا، ولست بحاجة للتذكير بصاحب القرار فهو نفسه الجنرال الانقلابي عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع برتبة فريق أول حينها، والسيسي نفسه وبقرار جمهوري رقم 432 لسنة 2016 قام بالسماح لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة بتملك أراضٍ وفيلات في منطقة خليج نعمة بشرم الشيخ ومعاملته معاملة المصريين ومنحه حق التملك في المشاريع التنموية بشبه الجزيرة، خليج نعمة المواجه لجزيرتي تيران وصنافير المصريتين واللتين تنازل عنهما السيسي أيضًا للسعودية عام 2017 في يونيو- الشهر المفضل للكوارث العربية- فهل هذا كله يأتي من باب المصادفة لا أظن.
ومن هنا يأتي السؤال الجوهري ما الذي قد يثير حماسة المستثمر الأجنبي الذي تستهدفه التعديلات الجديدة للحصول على الجنسية المصرية وهو من تمنحه قوانين الاستثمار مميزات لا حصر لها ومن أبرزها قانون الاستثمار الذي أصدره نظام السيسي في يونيو 2017- يونيو مرة أخرى- وتاه في زحمة الغضب والانشغال بجريمة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية وتضمن مساواة الأجانب بالمصريين في الفرص الاستثمارية وتخصيص أراضٍ بالمجان ومنافذ جمركية خاصة، وتبعته في أغسطس من العام نفسه لائحة تنفيذية تضمنت إعفاءات ضريبية وخصومات على المشروعات في المناطق غير المطورة ودعمًا حكوميًا لتكلفة توصيل المرافق للمشاريع الجديدة واختصار إجراءات تأسيس الشركات لتتم في عدة ساعات فقط وأعطى المستثمر ولأول مرة حق تحويل عملته إلى العملة التي يستخدمها في مشروعه، وضمانة تحويل الأرباح للخارج وضمانة عدم التأميم وضمانات متوافقة مع معايير البنك الدولي وحق الإقامة واستقدام العمالة من الخارج.
{ يتبع)
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
14/06/2019
1904