+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 1898م زارَ الملكُ الألماني غليوم الثاني دمشق، فخرجتْ المدينة عن بكرةِ أبيها لاستقباله وكان على رأسها واليها التركي مصطفى عاصم باشا.
رأتْ زوجة الملك غليوم الثاني أثناء زيارتها لقلعةِ دمشق حماراً أبيض فأعجبها لونه وشكله وطلبتْ من زوجها أن يشتريه لها لتأخذه معها إلى برلين كذكرى من زيارتهما للشام.
بحثَ مصطفى باشا عن صاحب الحمار فإذا هو لرجلٍ بسيطٍ يُدعى «أبو الخير» فطلبَ منه أن يهدي الحمار لصاحبةِ الجلالة، فرفضَ أبو الخير، فعرضَ الوالي شراء الحمار، ولكن أبا الخير رفضَ مجدداً وقال للوالي: الأمرُ لا يتعلّق بالمال، عندي أحصنة أصيلة فلتأخذ أي واحد منها هدية، أما الحمار فلا!
سألَهُ الوالي عن السبب، فقال أبو الخير: سيدي الوالي إذا أخذوا الحمار إلى بلادِهم ستكتبُ عنه الصحف ويصبحُ حديث الناس، وسيُسمُّونه الحمار الشامي، وسيقول الناس ألم تجد الملكة في دمشق ما يعجبها سوى الحمير!
لن أُهديها إياه ولن أبيعه لك!
في القصة درسان مهمان:
الأول: أن الوالي برغم نفوذه وسلطانه احترمَ الملكية الفردية للناس، وعندما رفضَ أبو الخير بيع الحمار أو وهبه مجاناً لم يأخذه منه بالقوة، كي لا يشعر بالحرج أمام ضيفه، لقد اختار أن يَرُدَّ طلب الملكة بدل أن يأخذَ من الناسِ ما هو لهم!
الثاني: أبو الخير على بساطتِه يُقدِّمُ لنا درساً عملياً في حُبِّ الوطن! حب الوطن ممارسة عملية وليس خطباً وقصائد ومقالات فقط، لم يرفضْ إهداء الحمار للملكة عن بخلٍ وإلّا فقد تبرَّعَ أن يُهديها حصاناً أصيلاً وهو أغلى ثمناً من الحمار، ولكنه عزَّ عليه أن يُقال عن وطنه إنه بلد ليس فيه ما يُقتنى إلا الحمير!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
05/07/2019
2061