+ A
A -
إن قمة العشرين بملفاتها ولقاءاتها الثنائية وكل ما تمخض عنها مادة خصبة لقارئي الفنجان السياسي الذين يبذلون جهدهم وأحيانا دجلهم، لاستقراء ومحاولة التنبؤ بما هو آت في عالم يرتعب مما يتردد عن حرب عالمية ثالثة بقترب اندلاعها، ومع ذلك يمكن القول إن ما أعلن في أعقاب عدد من اللقاءات الثنائية ليس كل ما دار وحدث في هذه اللقاءات، خاصة أن الرئيس الأميركي ترامب أطلق وعدا مسبقا قبيل انعقاد هذه القمة بأنه لن يفشي كل ما يدور في مباحثاته مع الرئيس الروسي بوتين، ما يعني أن مباحثات الزعيمين في أوساكا تطرقت إلى موضوعات وقضايا ساخنة، وأنه لن يماط اللثام عن تفاصيل ما دار بينهما، إما لخطورته أو لحساسيته، وإما أيضا لضبط وهندسة رود الأفعال في حال انفجار مفاجئ لأزمة من الأزمات، وبالتالي كان هناك جدول أعمال موازٍ غير معلن لملفاتها الاقتصادية.
وثمة من يرى أن الرئيس ترامب وإن كان قد ذهب إلى أوساكا بثقة قائد أهم اقتصاد عالمي ورئيس الدولة العظمى الأقوى اقتصاديا، قد تعمد تبريدا تكنيكيا لأزمات شائكة في العالم، ومنها تعويم شركة هواوي الصينية مجدداً وعقد هدنة في الحرب التجارية مع الصين واتجاهه لزيارة كوريا الشمالية لأول مرة والاتفاق مع زعيمها على مباحثات بين البلدين، من خلال وفدين يناط بهما استئناف التفاوض، وذلك ليكون بوسع ترامب التركيز على قضايا أخرى في مقدمتها الوضع المتوتر في الخليج.
إن هذه القمة وإن تقيدت ظاهريا بطبيعتها الاقتصادية في بيانها الختامي، إلا أن قضايا السياسات الدولية وبخاصة المتوتر منها، بحثت بتفصيل في اللقاءات الثنائية للزعماء حضور هذه القمة، فتقدمت قضايا السياسة على ملفات الاقتصاد، وكان ذلك طبيعيا، نظراً لظروف سياسية شائكة يمر بها العالم الراهن.
وإذا كانت هذه القمة قبل انعقادها بأسابيع قلائل قد حظيت بتأجيل ردود الفعل المتبادلة في أكثر من أزمة متوترة بالعالم، حتى لا يؤدي انفجار مباغت ما في أي أزمة منها إلى تأجيل انعقادها إلى أجل غير مسمى، فإن العالم يحبس الآن أنفاسه بعد زوال مفعول هذه القمة.
وليس من المعروف مصير ما سبق أن أعلنه نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف من أن البرنامج الروسي الإيراني «النفط مقابل السلع» يعمل وبنجاح، وأن الدولتين تجنبتا الارتباط بالدولار بعد القمة الأميركية الروسية في أوساكا.
كذلك ليس من المعروف مصير ما سبق أن أعلنه مسؤول صيني بأن بلاده لن تتقيد بالعقوبات الأميركية على إيران، وأنها سوف تستمر في استيراد النفط الإيراني، وذلك بعد أن أظهر ترامب جانبا لينا في العلاقات مع بلاد العم ماو في قمة أوساكا، فهل نزع ترامب نزع فتيل أزمات ليتفرغ لأخرى؟ وهل نجح الرئيس الأميركي في تحويل قمة العشرين إلى قمة تحضيرية لتوالي ساخنة سوف يشهدها العالم لأزمات متوترة بأكثر من كونها في الأصل قمة اقتصادية؟
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
06/07/2019
1349