+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 569م تُوفي طَرفة بن العبد عن ست وعشرين سنة تاركاً وراءه معلقة شعر ما زالت حية حتى اليوم! وأشهر بيت فيها:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً
على الفتى من وقع الحسام المهندِ
ذهب طَرفة بن العبد برفقةِ خاله «المُتلمِّس» إلى ملكِ الحيرة عمرو بن هند، فنزلا في خاصته، وكانا يُرافقانه للصيدِ أحياناً، ولكنّه كان مُولعاً بالخمر، فكان يشرب وهما يقفان على بابه النهار كله لا يصلان إليه، فغضِبَ طُرفة وقال:
فليتَ لنا مكانَ الملكِ عمرو
رغوثاً حول قبّتنا تخورُ
غضبَ الملك من بيت طرفة، وهمَّ بقتله، ولكن خافَ من هجاء المُتلمِّس خال طرفة فقد كان هو الآخر شاعراً أيضاً، فكتبَ لهما بصحيفتين وختمهما، وقال: اذهبا إلى عاملي بالبحرين فقد أمرته أن يصلكما بجوائز!
فذهبا، فمرَّا في طريقهما بشيخٍ لم يُعجبهما، فقالَ له المُتلمِّس: ما رأيتُ اليوم أحمق من هذا! فقال له الشيخ بعد سماع القصة: إن أحمق مني من يحمل حتفه بيده وهو لا يدري!
دخلَ الشك قلب المُتلمِّس وألقى الكتاب وعادَ إلى أهله، أما طرفة فرفض، ومنّى نفسه بجائزةِ العامل على البحرين، فلمّا وصلَ إليه، ودفعَ إليه الكتاب، فإذا فيه أن اقتل حامل هذا الكتاب، فأخذَه فقتلَه وهكذا ماتتْ موهبة شعرية رهيبة في مقتبل العمر!
ما زالَ المرء في بحبوحة من دنياه ما ابتعد عن السَّاسة والملوك، فإنّ رضاهم صعب عسير، وسخطهم سهل يسير، ومما قالته العرب في هذا المجال: لا تأمن للملوك ولو توَّجوك!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
18/07/2019
2304