+ A
A -
أدهم شرقاوي
في مثل هذا اليوم من العام 1889 وُلد العلامة عبد الرحمن السعدي، صاحب كتاب التفسير الشهير «تفسير السعدي» الذي فيه وقفات حلوة، واستنباطات عذبة، لم يسبقه إليها أحد! كان رقيقاً في طبعه، محباً للناس، فقيهاً بواقع الأمور، ومما يرويه عن نفسه يقول:
أيام لم يكن في البيوت أفران غاز، اشتريتُ حطباً من جمّال، وطلبتُ منه أن يحمله إلى منزلي، وأثناء إنزال الجمّال للحطب، وقعتْ علبة الدخان من يده ولم ينتبه، ولكنّي رأيتُها فالتقطتُها، وعندما انتهى من عمله، أعطيتُه أجرته، ومددتُ علبة الدخان وقلتُ: أهذه لك؟
فردَّ على استحياء: أجل! ثم أردفَ قائلاً: غريبة يا شيخ ما أحرقتَها!
فقلتُ له: إن أحرقتُها فستشتري غيرها من ثمن هذا الحطب على حساب طعام أولادك!
فقال: أُشهدك أني سأُقلع عن التدخين منذ اللحظة!
ومضى في طريقه ولم نلتقِ بعدها.
والحديثُ ليس عن حُرمة الدخان، أو إباحته، أو كراهته، رغم وضوح الرأي الذي يتبنّاه الشيخ في المسألة!
اللافتُ في هذه القصة هذه الرّحمة من الشيخ على الرجل، وهذا الفقه بالواقع والحال، وهذا التسديد وهذه المقاربة!
إن أكثر ما يفتقده الناس في الدُّعاة اليوم هو هذا اللِّين، وهذه الرّأفة، الناسُ فيها خير كثير، فقط تحتاج لمن يأخذ بأيديها إلى الله لا إلى من يقف عثرةً بينه وبينهم!
وإني أُقسم غير حانث أن الشيخ لو أتلفَ علبة الدخان للرجل، وأعطاه مُحاضرة قاسية لما أقلع عن التدخين، وليس مُستبعداً أن يزيد منه نكاية بالشيخ وأسلوبه، ولكن الأسلوب كل شيء، ولمّا كان الأسلوب عذباً كانت النتيجة كذلك، فترفّقوا بالناس!
copy short url   نسخ
07/09/2019
1789