+ A
A -
لم يأت محمد علي بجديد في ما قام بطرحه، فالجميع يعلم أن الفساد والواسطة والمحسوبية وتغيير عقيدة القوات المسلحة وسيطرة النخبة العسكرية على مفاصل الدولة هو السمة السائدة، لكن الجديد هو فضح كل هذا على لسان شخصية تشابكت مصالحها مع النظام على مدى سنوات طويلة، وارتبطت شركته بعقود وأعمال متعددة مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، واستضافته منصات إعلامية تابعة للدولة، وظهر في برنامج رفقة إعلامي العسكر الأول «أحمد موسى»، وقدم نفسه منذ البداية كونه ليس له دخل في السياسة، وكل مشكلته أمواله المستحقة لدى القوات المسلحة، واعترف بتعامله تحت الطاولة مع القادة العسكريين، وسرد بالتفصيل الأماكن والشخصيات والمشاريع التي قام بها لصالح النظام العسكري، بما فيها الفلل والاستراحات والقصور لقائد الانقلاب نفسه، مما جعل مهمة الرد شبه مستحيلة وربطه بأي شكل من الأشكال بالمعارضة أو بالإخوان هو ضرب من الجنون وخدعة لن تنطلي على أحد.
فتح محمد علي الباب على مصراعيه للتساؤلات بين مؤيدي العسكر أنفسهم قبل معارضيهم، وهو ما جعل النظام يتخبط ويلجأ لتصرفات متعددة لتشتيت الانتباه عن الحالة التي صنعتها فيديوهاته المتتالية، ولم تفلح وتم وأدها في مهدها، فمن محاولات تشويه صورة وسيرة عبدالله نجل الرئيس الشهيد محمد مرسي الذي توفي الأسبوع الماضي، إلى استضافة والد محمد علي نفسه لينطلق في وصلة تمجيد للنظام وسرد لأفضاله على البلد والعائلة ومبالغة في الاعتذارات عن تصرفات ابنه في لقاء كان واضحا فيه إجبار الأب على استهداف ابنه والنيل منه، وإرسال رسالة للمقاول المنشق أن عائلتك لا تزال في قبضتنا داخل مصر، وصولًا لاستضافة أحد القضاة السابقين والذي كان مقيمًا لفترة في تركيا واسترسل في شرح تآمر الثلاثي الدائم والمفضل للعسكر (تركيا وقطر والإخوان)، ورغم كل هذا لم يلتفت أحد لكل هذا، بل ازداد اليقين في صدق ما طرحه وأثاره محمد علي ومدى ضعف النظام وانحرافه وفساد القائمين عليه.
لقد وضعت حالة محمد علي النظام في ورطة لا يمكنه الفكاك منها بأي شكل من الأشكال، فالمستهدف والمتهم هو رأس النظام عبدالفتاح السيسي وعائلته وقادته العسكريون والمؤسسة العسكرية قبل غيرها، وجاء الاتهام من قِبَل شخصية محسوبة عليهم، ولا يمكن حسابها على المعارضة لتضع فصلًا جديدًا تحت عنوان كبير، وواضح أن مشكلة الدولة المصرية الرئيسية تتمحور حول شخص السيسي وانحراف المؤسسة العسكرية عن دورها وانخراط قادتها وجنرالاتها في مجالات متعددة، ليس بينها مهمتهم المقدسة في حفظ حدود الدولة وحماية شعبها لا التفريط في ترابها واستنزاف مقدراتها والاستحواذ على ثرواتها وقهر وقمع شعبها، لقد انكشفت ورقة التوت الأخيرة عن نظام السيسي برمته، وأصبح هو المتهم والمتسبب الوحيد في كل ما تعانيه الدولة المصرية، وأنه لا أمل في أي إصلاح أو استقرار إلا برحيله.
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
15/09/2019
1477