+ A
A -
نادر العضياني
عند القيام بأيّ عمل كان، لابد وأن نهتم كأفراد من خلال طبيعتنا البشرية وسلوكنا الإنساني بما تمَّ من العملِ، ونهتم كذلك بالذي لم يتم بعد، لأنَّ هذه المتابعة تعتبر بمثابة تقييم ذاتي للإنجاز، ولأنَّ التقييمَ دائماً ما يُتبع بعملية تقويم تعمل على تعديل العمل على النحو المراد، بما يضمن تحقيقه على أفضل شكلٍ ممكن، فإنَّ التقييمَ هنا يُعتبر حجر أساسٍ يُبنى عليه بقية العمل. ولكن التقييم كما ذكرنا يعتمد على معرفة ما تمَّ وما لم يتم-«المتابعة»-؛ فإنَّ المتابعة هي الطريقة المُثلى لإنجاز الأعمال وفقاً لتخطيط دقيق ولأهداف مُعلنة.
ذكرنا في المقال السابق أهمية تقديم وعرض الأهداف بطريقة ليست تقليدية، بحيث تتيح للطالب رسم معالم سير الحصة، ويعتبر عرض الأهداف هو العنصر الأول من عناصر الأجزاء النمطية من الحصة الدراسية، وفي هذا المقال سنعرض العنصر الثاني من عناصر الأجزاء النمطية حيث يعتبر تتبع مسار تقدّم الطلبة أحد أهم السلوكيات التي يجب على المعلم إتقانها واستخدامها بشكل مستمر، حيث تعتبر رديفاً مهماً لعرض الأهداف؛ لكونها تعطي دلائل واضحة على مدى تحقق الأهداف من عدمه، ولكونها تلفت انتباه الطلبة لمستوياتهم الأكاديمية خلال الزمن الكلي للحصة،ولما استطاعوا إنجازه من أعمال، ومالم يستطيعوا إنجازه.
إنَّ عدم معرفة الطالب بالتقدم الفعلي الذي يحققه خلال الحصة، يحمل دلالة ذات مردود سلبي بشأن قدرة الطالب على تقييم نفسه أو تقييم أقرانه من خلال تتبع مسار تحقق الأهداف؛ مما ينعكس سلباً على قدرة الطالب من حيث «التعلم الذاتي» وهو أحد الأسباب التي تحول بين الطالب وبين استقلاله الأكاديمي، مما يجعله دائماً في حاجة المساعدة الأكاديمية-وسيط ناقل للمعرفة- وهذا يتنافى مع أحد أهم الأهداف العامة للتعليم، والتي تشير لأهمية أن يكون لدى الطالب القدرة على الاستقلالية في عدة مجالات من بينها التعليم دون شك.
إن تتبع تقدّم مسار الطلبة يقتضي أن يقوم المعلم بتصميم أدوات تساعد الطالب على معرفة تقدمه في واحد أو أكثر من الأهداف التعليمية، باستخدام مدخل وصفي للتقييم، كما أنه أي – تتبع مسار تقدم الطلبة- قد يكون ممتداً على مدى وحدة كاملة أو فصل دراسي كامل، بحيث يضمن المعلم قدرة الطلبة على تقييم فهمهم للمحتوى المعرفي الذي يتلقونه خلال هذه الوحدة. الشيء الذي يعني بأن هناك توازنا بين كفتي التعليم المعتمد بالكلية على المعلم، والتعلم المعتمد على الطالب وقدراته في البحث عن المعارف وتقييم تعلمه. إن من أدلة تتبع تقدّم مسار التعلم لدى الطلبة، هو أن يقوم المعلم بمساعدة الطلاب على تتبع تقدّمهم الفردي نحو تحقيق الهدف التعلمي، وهنا تبرز الفروقات بين المعلمين في تنفيذ هذا الإجراء حيث يتطلب ذلك من المعلم ممارسة مستمرة تؤدي في نهاية المطاف إلى صقل خبرة المعلم، كما أنه يلزم المعلم استخدام وسائل رسمية وغير رسمية لتحديد درجات الطلاب على المقياس أو المؤشر المرجعي، بما يصّف بدقة أحوال أداء الطلاب لتحقيق الهدف التعلمي، ومن الأدلة التي تؤكد قدرة المعلم على تتبع مسار تقدّم طلابه أن يصمم خريطة بيانية توقّع عليها معدلات تقدم الفصل بشكل اجمالي نحو تحقيق الهدف التعليمي.
لابد وأن يتمكن الطالب من تقييم ذاته وذلك من خلال قدرته على تتبع مسار تقدّمه في المحتوى أو المساق الدراسي الذي يتلقاه، ولفعل ذلك فإن على المعلم مسؤولية تيسير ذلك من خلال تعظيم خبراته في هذا العنصر باستمرار؛ وهذا يتطلب ممارسات مستمرة لتتبع تقدّم الطلبة بطرق مختلفة والانتقال من مرحلة البداية في هذا العنصر-مستوى أول- إلى مرحلة التطبيق وربما الإبداع «مستوى ثان وثالث على التوالي» وهي مستويات تعكس خبرة المعلم في العناصر المتعلقة بالسلوكيات والاستراتيجيات الفصلية.
copy short url   نسخ
22/10/2019
567